نور الدين شوقي – زايو سيتي نت
ميز عبد السلام بن ميس ،وهو باحث في العلوم الفلسفية،بين مستويين مستوى الإسم اللسني الذي أعطاه الأمازيغيون لأنفسهم ومستوى الأسماء التي نعتوا بها ،متسائلا عما إذا كان إسم “الأمازيغ” أو “البربر” إسمان نعتوا بهما أم هم الذين سموا بهما أنفسهم .ذالك فكلمة برباروس هي نعت ،وليس بإسم يطلق على شعب ،إما أنهم غرباء أو هم من الغرب .وقد تم إطلاق إسم “الماروي” على الرومان ،بمعنى الغربيون ،فهي نعوت وليست أسماء أصلية توحي إلى الشعوب .نفس الشيء في ربط الأمازيغي بالأمازيغية ،إذ لا يمكن ،في إعتقاد الباحث بن ميس ،القول بأن الشعب الذي كان يتحدث الأمازيغية إسمه الحقيقي الشعب الأمازيغي ،فهو إستدلال خاطئ بالنسبة إليه .ويبقى أن كلمة أمازيغ واردة في نصوص تاريخية في حين أن كلمة “بربر” لم ترد في نصوص هيرودوت نفسه وأن الذين أطلقوا كلمة”بربر” على سكان شمال إفريقيا هم اليونان والتي تعني الغرباء وليس فيها ما هو قدحي ،حيث كان ينعت كل ما هو غير يوناني بالغريب.
وحسب محمد المدلاوي المتخصص في اللسانيات ،فهناك من التسميات ما هو داخلي،أي أن الجماعات المعنية هي التي أطلقتها على نفسها ،وكذا تلك الخارجية التي نعتت بها،ذالك أن تسمية الأمازيغ ،تسمية داخلية في حين أن كلمة بربر خارجية .موضحا أن الوثائق الرومانية الإغريقية على السواء، لم تشر إلى كلمة بربر / بربروس.ولما جاء الفتح الإسلامي ،فالدولة الوحيدة التي كانت في شمال إفريقيا وكان مواطنوها حديثي العهد ،وهم “الوندال” ،وكانوا آخذين لتسميتين أولا بصفتهم وندال وثانيا نسبة إلى اللقب الذي كانوا يشكلونه بالنسبة لروما بإعتبارهم ينتمون إلى الشعوب التي كانت تطلق عليهم روما ب البرابرة ،ومن هنا فلما وصل العرب إعتقدوا أنهم وصلوا إلى بلاد البربر .وإذا كانت كلمة البربر وردت في نصوص الجاحظ ،فكلمة أمازيغ وردت هي الأخرى عند الوزان وإبن خلدون ووردت أيضا في الأدبيات المكتوبة ،مثل “أوزال” التي سمى تلك اللغة المكتوبة بالحرف العربي باللسان المازغي .وهل يمكن الحديث عن لغة أم لغات أمازيغية ،أوضح المدلاوي أن اللغات هي أوجه متعددة لجوهر واحد كما هو الشأن للغات السامية ،من عبرية وعربية وأرامية … ويعتقد الباحث أن الأمازيغية كانت لغة متقاربة كما لديها تفرعات ، ووضعيتها الحالية تبين أن الأمازيغية وحدة جوهرية بأوجه متعددة .
منير كجي من جهته ،شدد على ضرورة إستحضار النقوش الحجرية الحاملة لتيفيناغ في شمال إفريقيا ،المتواجدة على مساحة تقدر ب5مليون كلم2 سيما تلك المكتشفة في سيوا وعند الطوارق …وهو ما يبين ،حسب المتدخل ،أن هناك تواجدا بشريا مرتبط بعهد الكتابة وباللغة أيضا ،بغض النظر عن هذه التسمية أو تلك .
أما بالنسبة لفترة ظهور اللغة الأمازيغية في الأصل فهذا أمر يصعب تحديده ،يوضح مصطفى أوعشي ،لأن التقسيم الكلاسيكي المعروف يقوم بالتقسيم الأنكلوساكسوني الجديد الذي يقوم على الأفروأسيوي أي أن الأصل هو إفريقيا على إعتبار أن أصل الإنسان إفريقيا ،وهنا إنطلقت اللغات وإنتشرت إلى الشرق ،ومن خلال تتبع هذه اللغات التي تسمى الأفرو أسيوية تأكد عند الباحثين الأنكلوساكسوفيين أن اللغة الأمازيغية ظهرت قبل اللغات السامية ،أي حوالي8 ألف سنة قبل الميلاد ،وبعدها ظهرت اللغة السامية حوالي5 ألاف سنة قبل الميلاد ،في حين أن الكتابة العربية بدأت في القرن الثالث و الرابع الهجري ،وتبنت الفكرة العربية المرتبطة بالأنساب كبنو تعلب ،بنو كليب …وهذا هو تاريخ العرب ،فقاموا بإسقاط نفس الفكرة على الأمازيغ حيث قسموهم إلى مجموعات ،وهذا هو المشكل الذي وقع ،أي إسقاط العقلية العربية على تاريخ الأمازيغ ،وللأسف فالمؤرخون المغاربة سلكوا نفس المنهج ،وبدأوا في التقليد…يتبع